تتزايد المخاوف المتعلقة بتغيّر المناخ والتلوث البيئي على مستوى العالم، ويتزايد معها العمل الدؤوب نحو إيجاد مصادر غير تقليدية للحصول على الطاقة، ومن هنا جاءت فكرة الاستفادة من عنصر الهيدروجين الموجود بوفرة في الطبيعة والقادر على توليد الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل السيارات دون أن يخلّف أي آثار من الانبعاثات الكربونية الضارة.
رحلة الهيدروجين من عنصر إلى مصدر للطاقة
توجد طريقتين أساسيتين لجعل الهيدروجين يتحوّل من كونه -فقط- عنصر كيميائي متوافر طبيعياً من حولنا، إلى أن يصبح بديلاً صديقاً للبيئة ويمكن الاستفادة منه في تشغيل محركات السيارات بغض النظر عن أنواعها وفئاتها، ونذكر لكم تالياً طرق استخدام الهيدروجين في محركات السيارات.
محرك احتراق الهيدروجين
تشترك محركات الاحتراق الداخلي التقليدية ومحركات الهيدروجين بالعناصر ذاتها المكونة لكليهما، غير أن الأول يقوم بحرق الوقود بينما يقوم الآخر بحرق عنصر الهيدروجين لإنتاج الطاقة؛ حيث يتم حقن غاز الهيدروجين المضغوط في المحرك ليعمل بعدها بالطريقة المعتادة.
الخلايا الهيدروجينية
تعتمد الخلايا الهيدروجينية في إنتاج الطاقة الكهربائية على حركة الطاقة الكيميائية؛ حيث تتكون كل خلية من قطبين أحدهما سالب والآخر موجب، وتبدأ الحكاية بتفاعل ينتج من حركة الجزيئات بين هذين القطبين بوجود الأوكسجين الذي يحفّز ويسرّع هذه العملية، وحتى تتضح الأمور أكثر سنأخذكم في رحلة إلى داخل إحدى الخلايا الهيدروجينية عبر النقاط التالية:
المرحلة الأولى
تدخل ذرات الهيدروجين عبر القطب الموجب للخلية بينما يتم إدخال ذرات الأوكسجين إلى جهة القطب السالب.
المرحلة الثانية
تنفصل ذرات الهيدروجين إلى بروتونات وإلكترونات في جهة القطب الموجب للخلية.
المرحلة الثالثة
تمر البروتونات التي أصبحت موجبة الشحنة عبر وسط ناقل للكهرباء لتصل إلى القطب السالب، في الوقت نفسه تشق الإلكترونات السالبة طريق مختلف ويتم دفعها في دارة لتوليد الطاقة الكهربائية.
المرحلة الرابعة
تلتقي البروتونات والإلكترونات عند القطب السالب بذرات الأوكسجين منتجةً الحرارة والماء إلى جانب الطاقة الكهربائية التي تولدت من هذا التفاعل.
طاقة الهيدروجين بين كفتي الميزان
لا يخلو أي مصدر للطاقة يتم استخدامه لتشغيل السيارات مهما كانت مميزاته من بعض العيوب، لذلك سنضع طاقة الهيدروجين البديلة بين كفتي الميزان ونرى أيهما ستطغى على الأخرى:
الجوانب الإيجابية
تتفوق محركات الهيدروجين والخلايا الهيدروجينية على محركات الاحتراق الداخلي بالنقاط التالية:
- تعد مصدر متجدد ومستدام للطاقة؛ حيث يمكن استخراج ذرات الهيدروجين من خلال عملية التحليل الكهربائي للماء الذي لا ينضب
- تساهم في خفض الانبعاثات الضارة؛ فبينما يترك الوقود من خلفه غاز ثاني أكسيد الكربون، يترك الهيدروجين الماء والطاقة الحرارية وكلاهما لا يشكلان أي خطر على البيئة والإنسان
- تزيد من كفاءة الطاقة المنتجة، خاصةً في الخلايا الهيدروجينية التي لديها فاعلية أكبر في إنتاج الطاقة بمعدل استهلاك أقل
- يحتفظ محرك احتراق الهيدروجين بالصوت الخشن الذي يحبه من اعتاد على ضجيج محركات الاحتراق الداخلي
الجوانب السلبية
تواجه طاقة الهيدروجين بعض التحديات والصعوبات في أثناء شق طريقها نحو أن تصبح من أهم مصادر الطاقة البديلة لتشغيل السيارات، نكشفها لكم بالنقاط التالية:
- التكلفة العالية لعمليات إنتاج وتطوير المحركات الهيدروجينية والتي تتطلب مواد باهظة الثمن مثل البلاتينيوم والمواد المحفزة على التفاعل
- محدودية البنية التحتية المخصصة للسيارات العاملة بطاقة الهيدروجين؛ إذ لا يمكن مقارنة أعداد محطات الوقود التقليدية بمحطات التزود بالهيدروجين
- صعوبات تخزين ونقل الهيدروجين الذي يحتاج لحاويات عالية الضغط أو أماكن بدرجة معينة من البرودة
- قابلية الهيدروجين العالية للاشتعال والتي تولد مخاوف متعلقة بالسلامة وتحد من استخدامه على نطاقٍ واسع
منذ عقود، يتم الاستعانة بطاقة الهيدروجين في مُختلف المجالات ومنها قطاع السيارات، وقد استطاعت هذه الطاقة إثبات مكانتها الخاصة والتأكيد على أنها مصدر آمن بيئياً وسوف يكون لها دور رئيسي في مستقبل صناعة السيارات، وتستطيع الاستمتاع بالمزيد من الأخبار المتنوعة التي تفتح لك آفاقاً جديدة على كل ما يدور في عالم السيارات الواسع.